مشاهد عكا في فن الطبع: من القرن السابع عشر– التاسع عشر

 موقع عكا جعلهامحور جذب للقوى التي حكمت البلاد. فهي تقع على مفترق طرق: الطريق الأول على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط​​، والآخر طريق عرض المؤدي من سوريا وعبر- الأردن إلى شاطئ البحر. عكا من المدن الساحلية القلائل في البلاد المتاخمة لخليج طبيعي. ذكرت المدينة لأول مرة في الوثائق المصرية من الألفية االثانية قبل الميلاد، ومنذ ذلك الحين يظهر اسمها في المصادر المكتوبة الأكادية والأوغاريتية، في المصادر الكلاسيكية،المصادر العربية والصليبية. في الكتاب المقدس تظهر عكا في سفر القضاة 31.1:" ولم يطرد اشير سكان عكا...".

على مر التاريخ تغير وجه عكا مرات عديدة، وعرفت المدينة فترات من النمو والازدهار وفترات خراب ودمار. كانت المدينة في ذروتها عندما كانت عاصمة مملكة القدس الصليبية في القرن الثالث عشر. في عام 1291 غزا عكا الصليبية السلطان المملوكي الأشرف خليل، وجيوشه دمرت المدينة وذبحت سكانها.عكا تحولت إلى مستوطنة صغيرة بها حوالي خمسمائة نسمة، وفي العصر المملوكي (1291-1516)، توقفت عن كونها المدينة التجارية الرئيسية كما في الماضي.

فيالقرن السادس عشر وصلت الإمبراطورية العثمانية (1516-1917) ذروة قوتها، وهي أيضا الفترة الوحيدة خلال الحكم العثماني في البلاد التي ساد بها الهدوء والأمن. الوضع الاقتصادي والأمن المستقر لعكا خلال هذه الفترة كان في الأساس بفضل كونها ميناء التصدير للقطن الذي تم جمعه من القرى المحيطة بها وتصديره إلى الغرب. خلال القرن الثامن عشر كانت عكا عاصمة الجليل وأهميتها علت حتى على ما كانت عليه صيدا، عاصمة المقاطعة التي انتمت إليها.

فيألأعوام1746-1775 حكم المدينة ضاهر العمر، ابن عائلة زيدان البدوية التي حكمت العديد من المناطق في الجليل. في عهده صار ميناء عكا هو الرئيسي في البلاد. تم تجديد أسوار المدينة وترميم الخانات، وفي الميناء بني رصيف ومستودعاتبضاعة.

فيالأعوام1775-1804 حكم المدينة أحمد الجزار، مفوض منطقة صيدا، وعكا كانت عاصمته الرسمية. رمم الجزار المدينة، وسع تحصيناتها، بنى مطاحن القمح، بنى قناة جديدة التي نقلت المياه من ينابيع الكابري وكذلك بنى المسجد المسمى على اسمه.

من شهر آذارحتى أيار سنة 1799 حاصر نابليون بونابرت عكا، بهدف الاستيلاء عليها لاستخدامها كقاعدة لتحفيز الانتفاضة ضد السلطة العثمانية في جميع أنحاء سوريا. أثناء الحصار، وضع نابليون مدافعه على تلة عكا، ومنذ ذلك الحين لُقبت بـ"تلة نابليون". في نهاية المطاف تنازل نابليون وترك المدينة في أيدي الأتراك، الذين استعانوا بالبحارة البريطانيين بقيادة الأدميرال سير سيدني سميث، وبخصم-صديق نابليون الفرنسي انطوان دي فيليبو، بنائب الجزار سليمان باشا، وبمستشاره اليهودي حاييم فرحي (1760-1820).

فيالأعوام1805-1818 حكم سليمان باشا المدينة، الذي كان كاتم أسرار الجزار. تولى إصلاح تحصينات المدينة وشرع في أعمال بناء في المدينة نفسها، بما في ذلك إنشاء "السوق الأبيض"، وبناء مخازن الحبوب وإصلاح قناة مياه المدينة.

بعد وفاته، حكمالمدينة عبد الله باشا (1818-1831). في عام 1832 تم احتلال عكا من قبل القوات المصرية، وفي عام 1840، بعد حصار فُرض من قبل حلفاء الإمبراطورية العثمانية - إنجلترا والنمسا - عادت المدينة إلى أيدي السلطة العثماني.

في فترات عدم الاستقرار السياسي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تبدلت السيطرة على عكا من يد إلى يد. حين ذاك اشتكى المسافرون أن ميناء عكا ليس مكانا جيدا للارساء بسبب سوء صيانتة. الميناء ناسب في الغالب السفن الصغيرة أو السفن المسطحة، التي ابحرت على طول شواطئ البلاد لأغراض تجارية. وذلك حسب شهادات بعض المسافرين الذين فضلوا أن يرسوا قبالة ميناء حيفا ومنها الوصول إلى عكا عن طريق البر، ولكن فقط في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيفا ومينائها استبدلت مكانة عكا.

بلاد الأراضي المقدسة، ومناظرها الطبيعية البكر جذبوا المسافرين والعديد من الرسامين في القرن التاسع عشر، فترة بها ازداد في أوروبا الاهتمام والبحث بمجالات ومواضيع جديدة لدراسة الأراضي المقدسة. دخول المسافرين والرسامين الغربيين لاقاليم البلاد البعيدة، أماكن لم يصلها الأوروبيين مئات السنين مثل صحاري النقب وسيناء وعبر الأردن، ساهم بتعدد ثراء وتنوع الرسومات وجذب المزيد من الزوار إلى البلاد.

كونها مدينة ميناء قديمة محاطة باسوار مع أسواق ملونة والعديد من المواقع التاريخية، اثارت عكا مخيلة الرسامين والرسامين التوضحيين سواء كان في الماضي او أيامنا. المعرض يضم خرائط المدينة والمطبوعات التي تعكس مشاهد ومناظر طبيعية من عكا. بمساعدتهم "يعود" الزائر إلى تلك الأيام الزاخرة ويتفاعل مع الجو الذي ساد عكا حينها. الأعمال المعروضة ذات مجموعة متنوعة من التقنيات: الطبع الحجري، النقش الصلب، حفر على النحاس، الحفر الخشبي، النقش بالنقط (ستيبل)، النقش الخشبي والمائي.